Saturday, August 16, 2008

بيان حول أوضاع المسلمين في تركستان الشرقية بجمهورية الصين الشعبية

بيان حول أوضاع المسلمين في تركستان الشرقية بجمهورية الصين الشعبية
,الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
فقد تابعت الأمانة العامة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بقلق متزايد، الأنباء المتداولة حول ما قامت به السلطات الصينية من تدمير مبنى أحد المساجد بمنطقة كالين بالقرب من مدينة إكسو في محافظة سينكيانج، ومن مصادرة نسخ المصحف الشريف التي كانت موجودة بهذا المسجد والقبض على عدد كبير من المسلمين في أثناء هذه المداهمة حوكم خمسة عشر منهم وأدينوا في محاكمة سرية جرت يوم 9/7/2008، فحكم بالإعدام على اثنين وبالإعدام مع وقف التنفيذ على ثلاثة وبالسجن مدى الحياة على عشرة.
ومهما تكن الأسباب التي تتذرع بها السلطات الصينية لتسويغ هذه الإجراءات فإنها يجب أن تقرأ في سياق الاضطهاد المستمر لمسلمي تركستان الشرقية الذي بلغ مداه هذا العام بإلقاء القبض على اثنين وثمانين شخصًا بدعوى تخطيطهم لمهاجمة الألعاب الأولمبية؛ وبما زعمته السلطات الصينية من إحباطها مؤامرة لبعض أهالي تركستان الشرقية لاختطاف صحفيين أجانب ورياضيين وسائحين بمناسبة الألعاب الأولمبية.
إن نحو ثمانية ملايين مسلم في تركستان الشرقية يحتاجون إلى حماية عاجلة ومستمرة من الدول الإسلامية والشعوب المسلمة، وإلى توعية بقضيتهم من جانب السادة الدعاة والعلماء
وتهيب الأمانة العامة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بأعضائه كافة أن يقوموا بواجبهم في متابعة الأنباء التي تتوالى عبر وسائل الإعلام العالمية المختلفة عن هذا الموضوع، وأن يجعلوه في نطاق اهتمامهم ونشاطهم الدعوي بصفة دائمة، وأن يناشدوا المسؤولين المسلمين في العالم كله، ومنظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية الاهتمام بأمر هذه الأقلية المسلمة المضطهدة لعل ذلك يحمل السلطات الصينية على تغيير أسلوبها في معاملة مسلمي تركستان الشرقية.
كما يهيب الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بمعالي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي بذل كل ما يستطيع من جهد، ومساعٍ حميدة لدى حكومة جمهورية الصين الشعبية لتولي العناية الواجبة لهذا الأمر وتصدر القرارات والتعليمات اللازمة لمعاملة مسلمي تركستان المعاملة الإنسانية اللائقة بدولة عريقة في الحضارة مثل جمهورية الصين الشعبية.وتأمل الأمانة العامة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن يتفضل معالي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي بتزويد الدول الأعضاء في المنظمة بصورة من هذا البيان ومناشدتها أن تقوم من خلال صلاتها الطيبة مع الصين الشعبية ببذل كل ما في الوسع لحماية الأقلية المسلمة في تركستان الشرقية، فإن رسول الله e يقول: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» [متفق عليه من حديث أبي موسى الأشعري] ويقول: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» [متفق عليه من حديث النعمان بن بشير].
وستوالي الأمانة العامة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين متابعة هذا الموضوع والتعاون في شأنه مع الهيئات والمنظمات والجهات الحكومية والشعبية كافة.
والله ولي التوفيق
3 من شعبان 1429هـ = 4/8/2008م
الأمين العام
أ.د. محمد سليم العوَّا

الأيجور شعب مسلم

الأيجور شعب مسلم

موقع الاتحاد
دعاء ممدوح
هناك كثير من الشعوب الإسلامية التي لا نعرف عنها لا القليل ولا الكثير: متى دخلوا الإسلام؟ ومن هم؟ وأين؟ وماذا يفعلون؟
من هذه الشعوب .. شعب الأيجور الذي يعيش في جمهورية تركستان الشرقية التي تقع تحت الحكم الصيني حاليا.. ظهر منها علماء أثروا الحضارة الإسلامية كالسمرقندي والزمخشري وساعدت جيوشهم بصورة كبيرة في الفتوحات الإسلامية التي وصلت رومانيا وغيرها من الدول الأوربية
جغرافية تركستان
تقع تركستان الشرقية في الترتيب التاسع عشر بين دول العالم من حيث المساحة، وتعادل مساحتها ثلاثة أضعاف مساحة فرنسا وتشكل خمس المساحة الإجمالية للصين، تحدُّها منغوليا من الشمال الشرقي والصين شرقًا وكازاخستان وطاجكيستان شمالاً وغربًا، والهند وباكستان والتبت وكشمير جنوبًا.
وتضم تلك الأرض بين جنباتها صحراء "تكلمكات" المعروفة " بالمهد الذهبي للحضارة الإنسانية" ومتنزهات "التون داغ" الطبيعية التي تعتبر جنة من جنان الدنيا، وطريق الحرير وهو الجسر الذي طالما ربط قارة آسيا وأوروبا، وبحيرتي "طانري" و"بوغدا" وهما من أحلى البحيرات في العالم، كما أنها تحوي العديد والعديد من الآثار القديمة للحضارات غير المكتشفة.
و تعد حضارتهم من أقدم الحضارات، وإن لم يتفرغ - وللأسف - أحد من باحثي الحضارات لدراستها حق الدراسة.
أما في العصر الحديث فيوجد في تركستان الشرقية التي تسمي اليوم اقليم(سينكيانج) 86 مدينة، يقوم الصينيون بإعادة تقسيمها وتسميتها، وتدار تحت مظلة الحكم الذاتي (اسمًا)، ويقدر العدد الحالي للسكان المسلمين ما بين (12 - 16) مليونًا نسمة، فهم يمثلون حوالي 90 -95% من سكان بعض المدن التركستانية.
كيف دخل الإسلام تركستان الشرقية؟
دخل الإسلام تلك الأرض على يد القائد الإسلامي المجاهد "قتيبة بن مسلم الباهلي" عام 88 - 96هـ، ومن بعده بدأت ثمار الاتصال الحضاري بين الإسلام والحضارات الأخرى، فتحول التركستانيون للإسلام تحت قيادة زعيمهم "ستوف بغراخان" خاقان الإمبراطورية القراخانية عام 323هـ - 943م، وقد أسلم مع هذا القائد أكثر من مائتي ألف "خيمة" عائلة، أي ما يقارب مليون نسمة تقريبًا.
وارتفعت البلاد في النواحي الحضارية لا سيما في عهد "هارون بوغراخان" حفيد الزعيم السالف ذكره، وكانت أوقاف المدارس تشكل خمس الأراضي الزراعية، وقد سُمِّي القائد هارون (شهاب الدولة وظهير الدعوة)، وكان ينقش لقبه هذا على النقود.
وقد استمر انتشار الإسلام بين الخيام "القبائل" بالآلاف مثل قبائل القرقيز -التغزغز - الغز السلاجقة - القرلوق، وقد عرفوا فيما بعد بوقوفهم القوي مع الإسلام، وكانت فتوحاتهم في بلاد الدولة الرومانية سببًا في إعادة تشكيل أجزاء واسعة من خريطة الشرق الأوسط وتركيا الحديثة فيما بعد في التاريخ الوسيط، ومع ذلك كانت أجزاء أخرى لا تزال في الوثنية غارقة تحارب الدعوة الإسلامية وتناصبها العداء بدعم من الصينيين، ومن أشهر تلك القبائل "الكورخانوين" (الدولة الكورخانية)، وقد كان أبرز من تصدى لهذه القبائل السلطان علاء الدين محمد الخوارزمي، وكان من أشهر المعارك التي انتصر فيها المسلمون على هؤلاء الوثنيين موقعة "طراز".
كان للسامانيين من شعوب منطقة آسيا الوسطى وإيران وشمال أفغانستان دور كبير في تثبيت دعائم الإسلام في تركستان الشرقية، فقد كانوا يُطبّقون سياسة الجهاد بالسيف من ناحية، والتبشير السلمي من جهة أخرى، فنشطت الجامعات والمدارس في هذه المناطق؛ لدعم العمل الدعوي والعلماء المتفرغين للدعوة الإسلامية، وكان أوجّ نشاطها في القرن الرابع الهجري.
المعاملة العادلة
أما خلفاء الدولة الإسلامية فكانوا يحرصون على إشراك أهالي البلاد المفتوحة في حكم بلادهم وإدارة شئونها، ويعد ذلك العصر الذهبي للدعوة الإسلامية بين الأتراك الشرقيين، فظهر منهم الجنود والقادة والحكام والعظام في العلم النبوي الشريف والحضارة الإسلامية أمثال: البخاري – مسلم – الترمذي – البيهقي – ابن سينا – محمد بن موسى الخوارزمي – الزمخشري – السمرقندي – عبد الله بن المبارك – الفضيل بن عياض – سفيان الثوري.
وتعد الدولة الإخشيدية الطولونية والسلجوقية من العنصر التركي الآتي من تركستان الشرقية، وكم كان للعنصر التركستاني من أيادٍ بيضاء في إنقاذ الأمة الإسلامية وصدِّ الزحف الصليبي عنها، كما كان لذاك الشعب من العوامل ما جعلته من أقوى الشعوب الإسلامية (مثل امتزاجه بالعنصر المغولي الذي يمتّ له بنسب قوي، وهم من أشد الجنود مراسًا)، فضلاً عن كونه من أكثر الشعوب تمسكًا بالعقيدة وصفائها، وحفاظًا على التراث الإسلامي ومجده، ودفاعًا عن الحضارة الإسلامية.
هل تعلم أن
- تحوي أرض تركستان الشرقية أكثر من 8 مليارات طن من احتياطي البترول، وتنتج منه 5 ملايين طن في العام.
2- احتياطي الأراضي التركستانية من الفحم يبلغ نصف احتياطي الصين من الفحم والسعرات الحرارية العالية جدًّا، فضلاً عن التربة الخصبة والأراضي الزراعية الوفيرة والإمكانيات المائية الهائلة.
3- يستخرج من أرض تركستان نحو 118 نوعًا من المعادن من أصل 148 نوعًا تنتجه الصين بأكملها

Thursday, August 14, 2008

فتح كاشغر



فتح كاشغر

كاشغر: مدينة من أشهر مدن تركستان الشرقية وأهمها، وكانت عاصمتها في بعض فترات التاريخ ، ولها مركز عظيم في التجارة مع روسيا من جهة , والصين من جهة ثانية , وبلاد ما وراء النهر من جهة ثالثة، وتشتهر بمنسوجاتها الصوفية الجميلة.
وكانت تعد قديماً من بلاد ما وراء النهر، وتضم قرى ومزراع كثيرة، يسافر إليها من سمرقند , وإقليم الصغد، وهي في وسط بلاد الترك، وأهلها مسلمون...
وتركستان الشرقية التي تقع فيها مدينة كاشغر، يحدها من الجنوب: الباكستان والهند (كشمير) والتبت، ومن الجنوب الغربي والغرب: أفغانستان وتركستان الغربية، ومن الشمال: سيبيريا، ومن الشرق والجنوب الشرقي: الصين ومنغوليا.
وقد اجتاحت تركستان الشرقية القوات الصينية الشيوعية سنة 1949م واحتلتها، فأطلق عليها الصينيون اسم (سينكيانج) وهي كلمة صينية تعني: المستعمرة الجديدة، وتبعهم بهذه التسمية الأوروبيون , وبعض المصادر العربية الحدينة، إلا أن أهل تركستان الشرقية المسلمون يحبون أن تسمى بلادهم باسمها القديم: تركستان الشرقية، ولا يحبون تسميتها بالاسم الصيني الجديد.
وقد لعبت تركستان الشرقية دوراً تاريخياً مهماً في التجارة العالمية. وكان طريق الحرير المشهور يمر بها، وهو الطريق الذي كان يربط بين الصين ـ أبعد بلاد العالم القديم ـ والدولة البيزنطية.
وبدأ الإسلام يدخل تركستان الشرقية على عهد عبد الملك بن مروان سنة ست وثمانين الهجرية (705م)، ولكن البلاد أصبحت إسلامية حكومة وشعباً سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة الهجرية (964م) بدخول السطان ستوق بغراخان الإسلام، فشمل الإسلام البلاد كافة.
ولا يزال أهل تركستان الشرقية مسلمين حتى اليوم، ولكن القابض على دينه كالقابض على الجمر.
التمهيد للفتح..
قطع قتيبة بن مسلم الباهلي نهر جيحون في سنة أربع وتسعين للهجرة (712م) متوجهاً إلى فرغانة...واصطدمت قواته بقوات أهلها في مدينة خجندة إحدى مدن إقليم فرغانة، فقاومه أهل فرغانة ومن معهم من الترك القادمين مدداً لهم من مدينة كاشغر المجاورة، وكانت مقاومتهم شديدة مما اضطره إلى الاشتباك بهم مراراً، وفي كل مرة يكون الظفر فيها للمسلمين. وانتهت أخيراً مقاومة أهل فرغانة وحلفائهم الباسلة بفتح المسلمين الإقليم كافة. ..
الفتح :

كان الاحتفاظ بإقليم فرغانة بيد المسلمين، يقضي على المسلمين فتح منطقة كاشغر التي تقع شرقي إقليم فرغانة، ويقطنها الترك كما يقطنون إقليم فرغانة. وفي سنة ست وتسعين الهجرية (714م) غزا قتيبة مدينة كاشغر، وهي أدنى مدائن الصين وأقربها إلى فرغانة.
وسار قتيبة من مرو عاصمة خراسان على رأس جيشه، وحمل الناس عيالاتهم لتستقر في سمرقند.
وعبر الجيش الإسلامي نهر جيحون، فاستعمل قتيبة رجلاً على معبر النهر، ليمنع من يرجع من جنده إلا بجواز منه وبموافقته الخطية.
ومضى جيش المسلمين إلى فرغانة، مروراً بسمرقند، حيث أبقى الناس عيالاتهم فيها بحماية المسلمين من أهل سمرقند، وكان الإسلام قد انتشر فيها انتشاراً سريعاً موفقاً.
وفي فرغانة، أكمل قتيبة استعدادات جيشه للقتال، وأرسل إلى (شِعب عصام) الفَعَلَة لتمهيده، حتى يجتاز الجيش بسهولة ويسر وسرعة، فأكمل الفعلة مهمتهم، وأخبروا قتيبة بإكمالها.

والفعلة هم سلاح الهندسة، كما نطلق عليه اليوم في المصطلحات العسكرية الحديثة: وهم الذين يمهدون الطرق، ويبنون القناطر والجسور، ويزيلون العقبات الطبيعية، ويؤمّنون وسائط عبور الأنهار، ويشرفون على العبور والمعابر.
ويبدو أن (شِعب عصام) أو وادي عصام، كان عارضا من العوارض الطبيعية الوعرة، يعرقل مسيرة الجيش بقوات كبيرة، ويقع بين فرغانة والحدود الصينية القديمة...

تقدم قتيبة على رأس جيشه من فرغانة، سالكاً الطريق التجارية التي تربط مدينة فرغانة بمدينة كاشغر، ماراً بجنوب بحيرة (جاتيركول) السوفييتية حالياً، على الحدود الصينية-السوفييتية، مقتحماً ممر (تيترك) في تركستان الشرقية , وبعث مقدمة أمام جيشه إلى كاشغر، فتقدمت حتى وصلت إلى هدفها، بعد أن أزاحت المقاومات الطفيفة التي صادفتها في طريقها، وغنمت وسبت.

وأوغل قتيبة حتى قارب حدود الصين القديمة، ففتح كاشغر، وجنغاريا الواقعة على حدود منغوليا، وترفان على مقربة من الحدود المنغولية، وخوتن الواقعة شمالي التبت وكشمير، وقانو التي تقع تماماً في منتصف الصين الحالية.

ولكن المصادر العربية المعتمدة تقتصر على فتح كاشغر في هذه السنة , ولا تقدم التفاصيل الإضافية الأخرى عن فتوح المدن الصينية الأخرى.

المفاوضات :

بات الاصطدام بين المسلمين من جهة وبين ملك الصين من جهة ثانية وشيكاً، فطلب ملك الصين التفاوض بين الجانبين، وعرض التفاوض على قتيبة، بعد أن أوغل حتى قارب الصين , واخترق حدودها الغربية، فكتب إليه (ملك الصين) : «ابعث إلي رجلاً شريفاً يخبرني عنكم وعن دينكم»، فوافق قتيبة على طلب ملك الصين.

واختار قتيبة من بين رجال جيشه اثني عشر رجلاً، لهم جَمال وألسن وبأس وتجمّل وصلاح، وأمر لهم بعُدّة حسنة , ومتاع حسن من الخز والوشى وغير ذلك , .. وكان منهم هُبيرة بن المشمرج الكلابي ـ مفوّهاً سليط اللسان ـ وقال لهم: «إذا دخلتم على ملك الصين، فأعلموه أني حلفتُ أني لا أنصرف حتى أطأ بلادهم، وأختم ملوكهم، وأجبي خراجهم»..

سار وفدُ قتيبة إلى ملك الصين، عليهم هبيرة بن المشمرخ الكلابي، فلما قدموا الصين، دعاهم ملكها، فلبسوا ثياباً بياضاً تحتها الغلائل، وتطيبوا ولبسوا الأردية، ودخلوا على الملك، وكان عنده عظماء قومه، فأخذوا أماكنهم في مجلسه، فلم يكلم الملك الوفد ولا أحد ممن عنده. ..

ولما انصرف الوفد من مجلس الملك، قال الملك لمن حضره: «كيف رأيتم هؤلاء؟» قالوا: «رأينا قوماً ما هم إلا نساء». ..

وفي غد دعاهم الملك إلى مجلسه، ولبسوا الوشي وعمائم الخز والمطارف –ألبسة من خزّ مربعة لها أعلام- وغدوا عليه، فلما دخلوا عليه قيل لهم: ارجعوا.

وقال الملك لأصحابه بعد انصراف وفد المسلمين: كيف رأيتم؟ فقالوا: هذه أشبه بهيئة الرجال من تلك.

وفي اليوم الثالث أرسل إليهم,فشدوا عليهم سلاحهم , ولبسوا البيض والمغافر,وتقلدوا السيوف , وأخذوا الرماح , وتنكبوا القسي , وركبوا خيولهم , وغدوا فنظر إليهم صاحب الصين , فرأى أمثال الجبال مقبلة , فلما دنوا ركزوا رماحهم , ثم أقبلوا نحوهم مشمرين , فقيل لهم قبل أن يدخلوا:ارجعوا لما دخل قلوبهم من خوفهم ...

فركبوا خيولهم , واختلجوا رماحهم ثم دفعوا خيولهم , كأنهم يتطاردون بها,فقال الملك لأصحابه :كيف ترونهم ؟ قالوا : ما رأينا مثل هؤلاء قط...

وانصرف الوفد عائداً إلى مستقره، بعد أن أخذوا رماحهم , واستعادوا سلاحهم, وامتطوا خيولهم، ثم دفعوا الخيل حضراً ـ وهو ركض الخيل بأقصى سرعتها - كأنهم يتطاردون، فقال الملك لأصحابه: كيف ترونهم؟ فقالوا: ما رأينا مثل هؤلاء!...

وفي مساء ذلك اليوم، بعث ملك الصين إليهم، أن ابعثوا إليّ زعيمكم. فبعثوا إليه هبيرة، فقال له الملك حين دخل عليه : قد رأيتم عظيم ملكي , وإنه ليس أحد يمنعكم مني , وأنتم في بلادي , وإنما أنتم بمنزلة البيضة في كفي, وأنا سائلك عن أمر فإن لم تصدقني قتلتكم.

وما كان هبيرة بحاجة إلى التهديد والوعيد، وليس هو من الرجال الذين يخيفهم التهديد والوعيد، فهو لا يكذب أبداً ... فلا مجال لتهديده بالقتل إذا لم يصدق.

وسأل الملك هبيرة: لماذا صنعوا في الزي الأول ما صنعوا، ثم الزي الثاني، والزي الثالث؟ وكان جواب هبيرة: أما زيّنا الأول، فلباسنا في أهالينا وريحنا عندهم، وأما يومنا الثاني فإذا أتينا أمراءنا، وأما الثالث فزيّنا لعدوّنا.

فقال الملك: ما أحسن ما دبرتم دهركم، فانصرفوا إلى صاحبكم، فقولوا له: ينصرف، فإني قد عرفت حرصه وقلة أصحابه، وإلا بعثتُ عليكم من يهلككم ويهلكه.

وإذا كانت الجبال الراسيات تهتز قيد أنملة من خطرات النسيم العليل، فإن هبيرة قد اهتز يومئذ من وعيد الملك وتهديده، فلا بد له من أن يبلغ هذا الملك رسالة قتيبة بقوة وأمانة وصدق، فقال للملك في ثقة كاملة وهدوء تام: كيف يكون قليل الأصحاب مَن أول خيوله في بلادك، وآخرها في منابت الزيتون! وكيف يكون حريصاً من خلّف الدنيا وغزاك؟ !..

وأما تخويفك بالقتل، فإن لنا آجالاً إذا حضرت فأكرمها القتل، فلسنا نكرهه ولا نخافه.

وبهت الملك في مجابهة قولة الحق، فنسي تهديده ووعيده، ثم تساءل في قول ليّن رقيق: فما الذي يُرضي صاحبك؟ فأجابه هبيرة بقول فصل لا مساومة فيه: إنه حلف ألا ينصرف حتى يطأ أرضكم، ويختم ملوككم، ويُعطَى الجزية...

فقال: فإنا نخرجه من يمينه: نبعث إليه بتراب من تراب أرضنا فيطأه، ونبعث أبناءنا فيختمهم، ونبعث له مالاً يرضاه..

ودعا الملك بصحاف من ذهب , فيها تراب من أرض الصين، وبعث بحرير وذهب وأربعة غلمان من أبناء ملوكهم، ثم أجاز الوفد , فأحسن جوائزهم، فقدموا على قتيبة الذي قبل الجزية، وختم الغلمان، وردّهم إلى الملك، ووطئ تراب الصين.

وقد لجأ الوفد الإسلامي إلى تبديل أزيائهم للتأثير في معنويات ملك الصين ومن معه، مما أدّى إلى انهيار معنويات الصينيين واستجابتهم لمطالب المسلمين.

حقيقة الفتح :

المؤرخون العرب يذكرون أن مدينة كاشغر هي أدنى مدائن الصين، ولكن البلدانيين العرب يذكرون أنها من مدن تركستان. وما أخطأ المؤرخون العرب، لأن حدود الصين كانت تمتد غرباً فتضمّ حدودُها تركستان الشرقية بكاملها، أو جزءاً منها في حالة اشتداد قوة ملوك الصين، وتنحسر تلك الحدود نحو الشرق، فتستقل تركستان الشرقية بحدودها الطبيعية، أو تمتد حدود تركستان الشرقية , فتضم إليها أجزاء من الصين، في حالة قوة ملوك تركستان وضعف ملوك الصين. وما أخطأ البلدانيون العرب القدامى في ذكرهم أن مدينة كاشغر من مدن تركستان الشرقية، فهي في الواقع كذلك أصلاً، ولكنها تدخل في حدود الصين تارة، وتكون خارج حدودها تارة أخرى.

وقد ظلت تركستان الشرقية خاصة عرضة لهجمات الصينيين حتى أصبحت اليوم من أجزاء الصين كما هو معلوم.

ومن مراجعة تاريخ تركستان الشرقية القديم يتضح لنا أن منطقة كاشغر والمناطق التي حولها التي امتدت الفتوحات الإسلامية إليها، كانت ضمن دولة (كول تورك) التي كانت من سننة 552 م إلى سنة 745 م، ومعنى هذا أن الفتح الإسلامي في تركستان سنة ست وتسعين الهجرية (714 م) كان على عهد تلك الدولة التركية التي كانت في عداء مستمر مع جارتها الشرقية الصين، وكانت على ولاء كامل مع بلاد ما وراء النهر، وخاصة مع إقليم فرغانة، لأن العنصر التركي كان يسيطر على هذا الإقليم، فكان تعاونه مع تركستان الشرقية تعاوناً وثيقاً.

ويذكر لنا تاريخ تركستان الشرقية القديم، أن الاضطرابات شملت تركستان الشرقية سنة إحدى وعشرين ومائة الهجرية (738 م)، فاستغل الصينيون هذه الاضطرابات واعتدوا على تركستان الشرقية وضمّوها إلى بلادهم.

ولكن الأتراك من سكان تركستان الشرقية تمكنوا من الحصول على المعونات العربية الإسلامية سنة أربع وثلاثين ومائة الهجرية (751 م) على عهد الدولة العباسية في بغداد، وتمكنوا بهذا العون من إنقاذ بلادهم من حكم الصين، و هزموا الصينيين في معركة (تالاس) المشهورة.

يتضح من ذلك أن الفتح الإسلامي في كاشغر والمدن الأخرى , جرى في تركستان الشرقية لا في الصين، ولكن ملك الصين الذي وجد سرعة تقدم الفتوح الإسلامية ووصولها إلى حدوده الغربية مباشرة في حينه، سعى لإرضاء الفاتحين خوفاً من اختراق بلاده وفتحها، فقدم ما قدم لقتيبة إرضاء له ولمن معه من المجاهدين، وصدّاً لتيارهم الجارف بالتي هي أحسن.

الشهيد..

والسبب الحقيقي لعودة قتيبة وجيشه عن حدود الصين الغربية، كما تذكر المصادر التاريخية المعتمدة، هو وصول خبر وفاة الوليد بن عبد الملك، وتولّي سليمان بن عبد الملك الخلافة بعده، وكان ذلك سنة ست وتسعين الهجرية وكان الوليد مؤيداً لقتيبة وسنداً له أسوة بقادة الحجاج بن يوسف الثقفي كافة، وكان سليمان يكرههم ولا يميل إليهم، لأن الوليد بن عبد الملك أراد أن ينزع أخاه سليمان بن عبد الملك عن ولاية العهد , ويجعل بدله عبد العزيز بن الوليد بن عبد الملك ابنه، فبايعه على خلع سليمان الحجاجُ وقتيبة وقادة الحجاج الآخرون.

وعاد قتيبة بمن معه من جيش المسلمين، فقتل في فرغانة سنة ست وتسعين الهجرية، وهو في طريق عودته إلى خراسان، فقال رجل من العجم: يا معشر العرب، قتلتم قتيبة! والله لو كان قتيبة منا فمات لجعلناه في تابوت فكنا نستسقي به ونستفتح به إذا غزونا!

وقال أحد رجالات العجم بعد مقتل يزيد بن المهلب بن أبي صفرة: يا معشر العرب، قتلتم قتيبة ويزيد وهما سيدا العرب! ...

وقد أكثر الشعرء في رثائه والثناء عليه ، ولكنه كان أكبر من كل رثاء وثناء، فآثاره باقية، وفتوحه عظيمة، وأعماله لا تبلى.

يكفي أن نذكر أن مساحة فتوحه تبلغ أربعين بالمائة من مساحة الاتحاد السوفييتي وثلاثاً وثلاثين بالمئة من مساحة الصين الشعبية في الوقت الحاضر.وأن سكان المناطق التي فتحها في بلاد ما وراء النهر وتركستان الشرقية ضمن الاتحاد السوفييتي والصين لا يزالون مسلمين حتى اليوم، يتبركون بقراءة القرآن الكريم، ويعتزون بالعربية لغة والإسلام ديناً، بالرغم مما يلاقونه من عنت شديد ومحن وعناء.

ولا أزال أذكر مضيفة على إحدى الطائرات الصينية، صادفتها في إحدى الرحلات في المشرق الإسلامي. فقد رأتني أتلو ما تيسر من القرآن بالمصحف –والطائرة في الجو- فوجدتها تحتفي بي حفاوة خاصة، ولا تنفك تحيطني برعايتها الفائقة. وسألتني على استحياء أن أهدي لها المصحف لأنها مسلمة، فأهديته لها، فجثت على ركبتيها ووضعته على رأسها، وعيناها تذرفان قائلة: هذه أعظم هدية تسلمتها في حياتي، وسأقدم هذا المصحف الشريف إلى والدتي المريضة فور عودتي إلى بلدي، وستفرح بهذه الهدية العظيمة فرحاً عظيماً. ومضت إلى سبيلها تؤدي عملها، وما مرت بي إلا وهتفت: الحمد لله.. أنا مسلمة.

ويومها تذكرت قتيبة الذي لم يقتله أعداء العرب والمسلمين، بل قتله المسلمون.. وترحّمتُ عليه كثيراً وأنا بين السماء والأرض – في الطائرة - وترحّمتُ على شهداء المسلمين.

(بتصرف من مقال للأستاذ: محمود شيث خطاب)

مجلة الأمة، العدد 50، صفر 1405 هـ

< التركستان الشرقية فى < المجتمع

مسلمو الإيغور..ثبات على الإسلام رغم عذابات الصينيين
فاطمة إبراهيم المنوفي
كاتبة عربية مقيمة في قيرغيزستان
تركستان.. كلمة مكونة من مقطعين "ترك" و"ستان"، وتعني أرض الترك. وهي بلاد واسعة في آسيا الوسطي مليئة بالكنوز والثروات، تقاسمتها الصين وروسيا قروناً طويلة بعد أن ضعف أمر المسلمين بها، فاحتل الروس قسمها الغربي (يضم دول: كازاخستان وأوزبكستان وقيرغيزستان وتركمانستان) والذي تحرر مؤخراً.
وقد احتلت الصين في 1949م قسمها الشرقي، المعروف بتركستان الشرقية (إيغورستان) أو "سنكيانج"، الاسم الذي أطلقه الصينيون عليها لطمس هويتها الإسلامية
سنكيانغ تعني المستعمرة الجديدة، أو الوطن الجديد، وكانت تتمتع قديمًا بأهمية كبيرة في التجارة العالمية؛ فكان طريق الحرير المشهور يمر بها، ويربط الصين ببلاد العالم القديم والدولة البيزنطية.
تقع تركستان الشرقية في أواسط آسيا الوسطى، وتحدها من الشمال جمهورية روسيا الاتحادية، ومن الغرب الجمهوريات الإسلامية المستقلة عن الاتحاد السوفيتي السابق، ومن الجنوب باكستان وكشمير والتبت، ومن الشرق الصين الشعبية، ومن الشمال الشرقي منغوليا الشعبية.
تبلغ مساحتها 1.828.417 كلم2، أي خمس مساحة الصين. وحسب الإحصائيات الصينية فإن تعداد السكان بها هو 9 ملايين نسمة تقريباً، إلا أن هناك جهات مستقلة قدرت تعدادهم بحوالي 25 مليون نسمة من الأتراك المسلمين، يتكلمون اللغة الإيغورية، وهي إحدى فروع اللغة التركية، لكنها تكتب بالحروف العربية
غالبية السكان من الإيغور، بالإضافة الي أقليات من القيرغيز والكازاخ والأوزبك، وجميعهم يدينون بالإسلام وينتمون إلى العرق التركي، إلا أن الصين عمدت إلى سياسة تهجير التركستانيين وإحلال الصينيين محلهم
تاريخ طويل من الصراعاتدخل الإسلام هذه البلاد في عهد الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان (86ه 705م)، وتم فتحها على يد القائد "قتيبة ابن مسلم الباهلي" عام 95 ه.وقد استولى الصينيون على تركستان الشرقية سنة (1174 ه 1760م) بعد أن ضعف أمر المسلمين بها،وقامت بينهم معارك دامية في عام 1759م، ارتكبت خلالها القوات الصينية مذبحة جماعية قتل فيها مليون مسلم

ثم قامت الصين باحتلالها في عهد أسرة المانتشو عام 1760م، وفرضوا سيطرتهم عليها حتى عام 1862م، لكن الشعب التركستاني لم يستسلم، ولم يخضع للجبروت الصيني، بل استمر في مقاومته للاحتلال، حتى تحرير بلاده عام 1863م، وأقاموا دولة مستقلة إسلامية تحت زعامة "يعقوب بك بدولت" الذي استمر حكمه 16عاماً.إلا أن الصراع الذي دار بين البريطانيين والروس خلال القرن 19 للسيطرة على آسيا الوسطي، وتخوف البريطانيين من أن ينجح الروس في ضم تركستان الشرقية إلى أراضيهم، بعد أن سيطروا على معظم دول آسيا الوسطي المسلمة (تركستان الغربية)، فقاموا بمساندة الصينيين للسيطرة عليها، واستطاعت الجيوش الصينية الضخمة بقيادة الجنرال "زوزونغ تانغ" مهاجمتها واحتلاها مرة أخرى في عام 1876م، ومنذ ذلك التاريخ سميت باسم "شنجيانغ"، أو "سنكيانج".
وفي 18 نوفمبر 1884م ضمها الصينيون داخل حدود إمبراطورية المنجو، لكن الجهاد لم يتوقف، وتابع التركستانيون كفاحهم وثوراتهم ونجحوا مرتين الأولى في عام1933، والثانية عام 1944م حتى نال الإقليم استقلاله بعد الثورة التي قادها الشيخ "على خان"، إلا أنها لم تستطع الاستمرار طويلاً، حيث قام الاتحاد السوفييتي بدعم الصين عسكرياً ومادياً للقضاء على هذه الدولة

وفي عام 1949م قام "ماوتسي تونج" (الزعيم الصيني الشيوعي) بفرض سيطرته على المنطقة كلها، وبمؤامرة روسية صينية مشتركة، تم القضاء على زعماء القومية الإيغورية والكازاخية في جمهورية تركستان الشرقية الوليدة، حيث أيقن الروس أن هؤلاء المناضلين سيدعمون أشقاءهم في دول آسيا الوسطى المسلمة في كفاحهم للتخلص من الشيوعية السوفيتية.
قبضة حديدية: وتم تقسيم تركستان الشرقية إلى 6مناطق، حكمتها الصين بقبضة من حديد، فأُغلقت المساجد وجرمت اقتناء المصاحف، والتعليم الديني وإقامة العبادات، وأُجبر المسلمون على تعلم الإلحاد وتناول الأطعمة المحرمة، وتحديد النسل. وبنيت سجون عديدة ثم إلقاء الآلاف منهم داخلها باعتبارهم أخطر المجرمين على أراضيها. وعملت الصين على إلحاق الأذى بمسلمي تركستان بكل ما أوتيت من قوة، فقامت بإجراء تجارب نووية على أراضيها، ففي عام 1964 قامت بإجراء 35 تفجيراً نووياً، دون أية تدابير لحماية المواطنين، ما أدى إلى زيادة معدلات الإصابة بأمراض السرطان والتشوهات الخلقية
وإن كان ماوتسي قد أعطى الإقليم حكماً ذاتياً، إلا أنه من الناحية الفعلية حدث العكس تمامًا، فالحكم ودفته في يد الصينيين، وينفذه الموظفون التركستانيون بالإكراه. وتقوم الحكومة الصينية بالتمييز ضد الشعب التركستاني وتهجيره؛ بهدف تغيير التوزيع السكاني بالإقليم وإحلال الصنيين محل التركستانيين

كما عملت الحكومة الصينية على قطع الصلة بين مسلمي تركستان الشرقية بالإسلام والمسلمين، فمنعت سفر المسلمين إلى خارج البلاد، كما منعت دخول أي أجنبي لتفقد أحوالهم، ومن استطاع منهم الهروب إلى الخارج لم ينج أقاربه من العقاب في الداخل
ومنذ بداية الحكم الشيوعي وحتى الآن يعمل الصينيون على تذويب الشعب التركستاني في المجتمع الصيني وطمس هويته، ومن وسائل التذويب التي يتبعها الصينيون في تركستان الشرقية منذ سنين طويلة.. تشجيع الزواج بين التركستانيين والصينيين، وإلغاء اللغة الإيغورية من المؤسسات التعليمية والحكومية، وإحلال اللغة الصينية محلها
ولم يقف الظلم عند هذا الحد ، بل قامت الصين بنهب ثروات تركستان الشرقية التي حباها الله كنوزاً هائلة وحرمان أصحابها من خيرات بلادهم، من البترول والغاز الطبيعي، والذهب ومن الفحم الذي تنتج منه سنوياً 600 مليون طن، وكذا اليورانيوم.انتهاكات لا إنسانية بزعم "الإرهاب
الحرب على الإرهاب في قمع المسلمين الإيغور، واتهمتهم بالتطرف والإرهاب وموالاة حركة طالبان الأفغانية وتنظيم القاعدة، مع أنه ليس لهم أي علاقة لا بهذا ولا ذاك، بهدف تضليل العالم بأن قضية الإيغور ليست قضية شعب وحقوق إنسان، بل قضية "إرهاب"..مجموعة "شنغهاي
والأدهى من ذلك تضامن عدد من الدول مثل كازخستان، وقيرغزستان، وطاجكستان، وأوزبكستان مع الصين لمكافحة ما يسمونه ب"الأصولية الإسلامية". تمثل ذلك في مجموعة "شنغهاي" التي تضم الدول الإسلامية السابق ذكرها بالإضافة إلى الصين وروسيا.

وتقوم هذه الدول بإعادة اللاجئين الإيغور بالقوة إلى الصين، ما يمثل انتهاكًا لمعاهدة الأمم المتحدة للاجئين؛ فقد قامت كازاخستان بإعادة اللاجئين الإيغور قسرًا إلى الصين، كما رفضت باكستان الطلبة الإيغور، وأغلقت بيوت الضيافة المخصصة لهم في إسلام أباد. كذلك لا تسمح لهم العديد من الدول العربية بدخول أراضيها رغم حصولهم على تأشيرات سفر من القنصليات العربية
بل تشترط بعض الدول حصولهم على أوراق أمنية من الحكومة الصينية، ما يدل على خضوع بعض الدول العربية للضغوط الصينية.ورغم تخلي المسلمين عن نصرة إخوانهم في تركستان الشرقية، إلا أن هناك صحوة إسلامية بين الإيغور، وشغف لتعلم الإسلام واللغة العربية، فقد قام الإيغور بتأسيس "الشبكة الإيغورية للأخبار" لتعريف العالم بفظائع الصين داخل بلادهم، ولاستعطاف العرب والمسلمين لنصرتهم، والضغط على الحكومة الصينية لرفع المعاناة عنهم. ها هي تركستان تستنجد.. فهل من نصير؟
الصين: أحكام بالإعدام على مقاومين من مسلمي "الأويغور


في إطار قمعها المستمرِّ للأقلِّية الإسلامية، أصدرت السلطات الصينية أحكاماً بالإعدام والسجن المؤبَّد على ستة من ناشطي حركة "تركستان الشرقية الإسلامية"، بزعم إدانتهم بارتكاب "أنشطة انفصالية".
وقال الموقع الإلكتروني للحكومة الصينية: إن محكمة محلية في "كاشجار" بإقليم "سنكيانج" (غرب الصين)، أصدرت الأحكام على الستة الذين قالت إنهم أعضاء في حركة "تركستان الشرقية الإسلامية" في الثامن من نوفمبر، لدورهم فيما وصفته ب"أنشطة انفصالية"، و"تصنيع متفجِّرات بصورة غير مشروعة"، و"التدريب في معسكر إرهابي". وحُكِم على ثلاثة بالإعدام، وعلى اثنين بالإعدام مع إيقاف التنفيذ، بينما حُكِم على السادس بالسجن مدى الحياة.

ويُذكر أن الصين تشنُّ حملة لا هوادة فيها ضدَّ ما تصفها ب"الأنشطة الانفصالية" من قِبَل المسلمين "الأويغور" الذين ينادون باستقلال ولاية "تركستان الشرقية" النائية الغنية بالنفط. وتقول جماعات حقوقية: إن السلطات الصينية تستخدم دعمها لما تزعم الولايات المتحدة بأنه "حرب على الإرهاب" لتبرير حملتها ضدَّ "الأويغور".وتقع "تركستان الشرقية" في وسط آسيا الوسطى، ويحدُّها من الشمال روسيا، ومن الغرب الدول الإسلامية التي كانت تمثِّل تركستان الغربية؛ وهي كازاخستان، وقيرغيزستان، وطاجيكستان، وأوزبكستان، ومن الجنوب باكستان والهند والتبت، ومن الشرق الصين، ومن الشمال الشرقي منغوليا
!والسلطات الصينية تمنع الطلبة في تركستان الشرقية من صيام رمضان

بشكيك: فاطمة المنوفي
تتخذ الحكومة الصينية عدة إجراءات ضد مسلمي الصين (الأويغور) في إقليم تركستان الشرقية (سينكيانج) شمال غرب الصين في شهر رمضان المبارك من كل عام، حيث تأمر طلبة المدارس بعدم الصيام، وتنشر معلومات مغلوطة عن الصوم الإسلامي، وأنه مضر بصحة وسلامة الإنسان! وتصدر إدارات المدارس أوامر مشدَّدة إلى الطلبة بأن يجتمعوا لتناول وجبة الغداء في المطاعم المدرسية وعدم الانتظار حتى الغروب، ومن لا يقبل بأن يأكل أو يشرب جهراً في المدارس قبل غروب الشمس يُعاقَب ويُطرَد على الفور. وتعمل السلطات الصينية على تذويب الشعب التركستاني في المجتمع الصيني، وطمس هويته الإسلامية، وحظر سفر المسلمين "الأويغور" إلى الخارج، أو دخول أي أجنبي لتفقد أحوالهم.. وتمنع من تقل أعمارهم عن 18 عاماً من الذهاب إلى المساجد، كما تمنع بعض المسلمات التركستانيات من ارتداء الحجاب. وجدير بالذكر أن الإسلام دخل تركستان الشرقية في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان عام86ه (705م)، وتم فتحها على يد القائد الباسل قتيبة بن مسلم الباهلي عام 95ه، وبعد ضعف أمر المسلمين بها استولى الصينيون عليها بمؤامرة بريطانية صينية مشتركة عام1174ه (1760م)، ثم دارت بين المسلمين والصينيين معارك دامية في العام 1759م، ارتكبت خلالها القوات الصينية مذبحة جماعية قتلت فيها مليون مسلم.
الصين تشيد بدعم النظام الأفغاني في حربها ضد مسلمي تركستان الشرقية


أشادت الصين بالدعم الذي توفره حكومة قرضاي الأفغانية في حربها ضد ناشطي تركستان الشرقية في إقليم سينكيانج شمال غرب البلاد، المتاخم لأفغانستان، ذات الأغلبية المسلمة. وقال المستشار الصيني جيا كينجلين بحسب وكالة "شينخوا" الصينية للأنباء: إن الصين تقدر الدعم الثمين من النظام الأفغاني في القضايا المتعلقة بالمصالح الرئيسة للصين، مثل تايوان وحقوق الإنسان ومحاربة (إرهابيي) تركستان الشرقية (على حد زعمه). وأضاف أن الصين تحترم سيادة أفغانستان ووحدة أراضيها، مبيناً أن بلاده تسعى أن تلعب كابول دورًا أكبر في الشؤون الإقليمية والدولية.وأشار إلى أن مجلس الشعب الصيني سيعمل مع مجلس الشيوخ الأفغاني لتعزيز العلاقات بين الصين وأفغانستان. ويتهم نشطاء في حقوق الإنسان بكين باستغلال مساندتها للحرب الأمريكية على "الإرهاب" في إضفاء شرعية على حملتها التعسفية ضد أقلية اليوجور المسلمة في تركستان الشرقية، والانتهاك المتكرر لحقوقهم. ومن ذلك إجراء اعتقالات تعسفية ومحاكمات جائرة والتعذيب والتفرقة الدينية.

الأمن قبل الاقتصاد شعارها

"منظمة شنغهاي للتعاون" في حقوق مسلمي آسيا الوسطى

استضافت العاصمة القيرغيزية بشكيك أعمال القمة السابعة لرؤساء "منظمة شنغهاي للتعاون" يوم الخميس 16-8-2007م.. وبعد مداولات سياسية، توافق المشاركون على توقيع اتفاقية صداقة وحسن جوار وتعاون مشترك طويلة المدى بين الدول الأعضاء.. كما تمت متابعة تنفيذ قرارات اجتماع المنظمة الذي عقد بشنغهاي في العام الماضي..وتمت الموافقة على التقرير السنوي الذي أعده سكرتير عام المنظمة "بولات نورجالاييف"، والذي أكد أن الإصلاحات التي تم تفعيلها في المنظمة أثرت إيجاباً على كفاءتها.وأعرب المشاركون عن أملهم في تدعيم العلاقات مع الدول التي تتمتع بصفة مراقب، وكذلك مع أفغانستان.


تاريخ المنظمة


أنشئت "منظمة شنغهاي للتعاون" "SCO" في 15-6-2001م، إلا أن بدايتها الفعلية تعود إلى عام 1996م، حين بادرت الصين بتشكيل "منظمة شنغهاي 5" مع دول الجوار، من أجل القضاء على "الحركة التحررية الإيغورية"، وتصفية الحركات الأصولية الإسلامية في المنطقة بأسرها، بما يضمن أمنها ومصالحها، فعملت على منع الدعم السياسي الذي كان يحظى به اللاجئون الإيغور في الاتحاد السوفييتي إبان الحكم الشيوعي.وضمت منظمة "شنغهاي 5" كلاً من الصين وروسيا وطاجيكستان وقيرغيزستان وكازاخستان، إلا أنه بعد انضمام أوزبكستان إلى المنظمة في عام 2001م، تغير اسمها وأصبحت (منظمة شنغهاي للتعاون) في 15-6-2001م، وأصبحت طشقند عاصمة أوزبكستان المقر الدائم ل"الهيئة الإقليمية لمكافحة الإرهاب" المنبثقة من منظمة شنغهاي.وبالإضافة إلى الدول الست الأعضاء في المنظمة، تتمتع أربع دول أخرى بصفة المراقب، هي الهند وباكستان ومنغوليا وإيران. وتعتمد المنظمة اللغتين الروسية والصينية لغتين رسميتين.. ومن أهدافها، مكافحة ما يسمى ب"الإرهاب"، ومواجهة ما يعرف بخطر الأصولية الإسلامية والجماعات الإسلامية المتطرفة في الدول الأعضاء، وكذلك محاربة طموحات الإيغور والشيشان الاستقلالية، وتعزيز الأمن والتعاون الاقتصادي في آسيا الوسطى.وفي هذا الإطار سعت الصين بكل ثقلها إلى التنسيق مع حكومات روسيا ودول آسيا الوسطى خصوصاً كازاخستان حتى تحرم أعضاء "جبهة تحرير إيغورستان" من أي ملاذ يحميهم من البطش، فأوقفت حكومات آسيا الوسطى في إطار "منظمة شنغهاي" نشاط الإيغور في دولها، وقامت بترحيل العديد منهم إلى الصين، حيث يواجهون أبشع أنواع التعذيب. قمع الإسلاميين: عقب إنشائها بفترة وجيزة، وجهت "منظمة شنغهاي للتعاون" اتهامات إلى كازاخستان تتعلق بوجود تحويلات مصرفية خارجية في مصارفها تعود لمنظمات إرهابية، إضافة إلى وجود منشآت على أراضيها تعود ملكيتها لابن لادن، فسارعت كازاخستان باتخاذ إجراءات متشددة حيال المؤسسات الإسلامية كافة.وعلى الفور صادق البرلمان الكازاخي على قانون "مكافحة الإرهاب"، ثم أُغلقت الجامعة الكويتية الكازاخية، بتهمة أنها تحض على الإرهاب، علماً بأن هذه الجامعة كانت تعمل وفق قوانين وزارة التعليم العالي الكازاخي لعدة سنوات.وأدرجت جمعية الإصلاح الاجتماعي الكويتية أيضاً على قائمة المنظمات المحظورة في كازاخستان. إضافة إلى تنظيمات عدة أخرى (حركة طالبان الأفغانية، وجماعة مجاهدي آسيا الوسطى، وجماعة الإخوان المسلمين، وعسكر طيبة، وعصبة الأنصار، والقاعدة، وحزب تركستان الشرقية الإسلامي، وحزب العمال الكردستاني، وحركة أوزبكستان الإسلامية).. ولم تكن أوزبكستان أفضل حالاً، فقد اتخذت إجراءات أكثر تشدداً حيال الهيئات الإسلامية الخيرية ومؤسساتها التعليمية ذات التمويل العربي (مثل جمعية الوقف، ومؤسسة الحرمين، والمؤسسة الإبراهيمية، ولجنة مسلمي آسيا، وجمعية قطر الخيرية).واللافت أن كل ما قامت به دول آسيا الوسطى من تعطيل للأعمال الإسلامية التعليمية والخيرية ينسجم مع أهداف "منظمة شنغهاي"..

"منظمة شنغهاي" في مواجهة واشنطن


في البداية اعتُبرت حركة طالبان التي سيطرت على أفغانستان خطراً على بلدان آسيا الوسطى السوفيتية سابقاً والصين، لكن بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م، واحتلال أفغانستان وسقوط طالبان، وتحول الجوار الأفغاني إلى دائرة الاهتمام الأمريكي، اكتسبت آسيا الوسطى بعداً إستراتيجياً جديداً..وكشفت الحرب الأمريكية على أفغانستان أبعاد الإستراتيجية الأمريكية للهيمنة على آسيا الوسطى ومواردها النفطية، وظهرت الولايات المتحدة الأمريكية ودول الناتو التي مدت نفوذها إلى هذه المنطقة كمنافس ل"منظمة شنغهاي"، خاصة بعد بناء قواعد عسكرية أمريكية بها.وبالرغم من أن إعلان تأسيس "منظمة شنغهاي" ينص على أن المنظمة ليست تحالفاً موجهاً ضد دول أو مناطق أخرى، وأنها تلتزم بالانفتاح السياسي، إلا أن معظم المراقبين يعتقدون أن أحد أهم أهداف هذا التجمع، هو العمل على قيام تعددية قطبية، كتعبير عن رفض أحادية الولايات المتحدة في قيادة العالم.وقد صرح مؤخراً رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية الجنرال "يوري بالويفسكي" في كلمة ألقاها في اجتماع رؤساء أركان جيوش الدول الأعضاء في المنظمة في 9-8-2007م، قائلاً: "لا يمكن أن تنجح منظمة شنغهاي للتعاون في المجال الاقتصادي، إلا عندما يتم تدعيم الأمن الإقليمي، فالقيادة العسكرية الروسية ترى أن تطورات الوضع السياسي الدولي تستوجب إقامة تعاون عسكري أيضاً...".وقد رفضت منظمة شنغهاي الموافقة على مطلب أمريكي بحضور مراقبين عسكريين أمريكيين لمتابعة تدريبات "مهمة السلام 2007" التي أجرتها المنظمة في إطار ما يسمى "مكافحة الإرهاب"، واختتمت فعالياتها في 17 أغسطس الجاري

مصالح متضاربة
وبالرغم من أن الأهداف المعلنة لمنظمة شنغهاي تتفق مع أهداف الولايات المتحدة الأمريكية بشأن ما يسمى "الحرب على الإرهاب"، إلا أن هناك أهدافاً غير معلنة لكافة الأطراف، وهو ما يثير قلق الولايات المتحدة، التي ترغب في الاستحواذ منفردة على الثروات الطبيعية الضخمة لآسيا الوسطى وبحر قزوين، وخاصة الثروات الهائلة من النفط والغاز، وخطوط نقلهما للأسواق العالمية..في حين تريد الصين تعزيز وجودها في المنطقة، وهو ما تشجعه دول آسيا الوسطى، بهدف الموازنة بين هذا الدور وبين دور كل من روسيا والولايات المتحدة اللاعبين العملاقين الآخرين.فمنذ أربع سنوات، أقرت المنظمة برنامجاً للتعاون التجاري والاقتصادي طويل المدى بين الدول الأعضاء حتى عام 2020م، وهو ما يضر بالمصالح الأمريكية في المنطقة.وتعرقل المنظمة المحاولات الأمريكية الساعية لتقليص الدور الروسي في المنطقة، وحصارها وإضعافها بصورة تمنعها من استعادة دورها كقوة عظمى في المستقبل المنظور على الأقل، وعزلها عن مجالها الحيوي في آسيا الوسطى والقوقاز.وتقف "شنغهاي" عقبة أمام محاولات تطويق إيران (التي تحظى بصفة مراقب في المنظمة) وفرض عزلة دولية عليها، إذ إن رغبة إيران في تفعيل دورها في المنظمة يقلق الولايات المتحدة. وقد سبق أن انتقد وزير الدفاع الأمريكي السابق "دونالد رامسفيلد" مشاركة طهران كمراقب في أعمال قمة شنغهاي السادسة في الصين، قائلاً: "من الغريب السعي لضم دولة مثل إيران التي تعتبر من أكبر الدول الداعمة للإرهاب إلى منظمة تدعي أنها ضد الإرهاب". كما أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية من قبل أن منظمة شنغهاي "تعرقل انتشار الديمقراطية في المنطقة".وتخشى واشنطن من تسرب التكنولوجيا والمواد النووية الموروثة عن العهد السوفييتي إلى بعض الدول التي تصنفها واشنطن كدول مارقة..القواعد العسكرية الأمريكية: وفي ضوء الاستراتيجيات المتباينة بين "منظمة شنغهاي" وواشنطن، طالبت المنظمة خلال قمتها قبل عامين في آستانا بكازاخستان أمريكا بتحديد موعد لإخلاء قواعدها العسكرية من آسيا الوسطى، كما صرح أعضاؤها بأن مهمة القوات الأمريكية في أفغانستان قد انتهت بتسليم السلطة إلى الأفغان، وهو ما أثار حفيظة واشنطن التي أرسلت وزيرة خارجيتها "كوندوليزا رايس" ووزير دفاعها الأسبق "دونالد رامسفيلد" للقاء قادة جمهوريات آسيا الوسطى.المصالح الإيرانية: على صعيد آخر، يأتي الاهتمام الإيراني بمنظمة شنغهاي في إطار مساعيها للقضاء على الحركات الإسلامية السنية التي تصفها ب"المتشددة" في آسيا الوسطى، كذلك تسعى إيران إلى توثيق علاقاتها مع العملاقين الإقليميين الصين وروسيا والدول الإسلامية في آسيا الوسطى، إذ تمتلك طهران ثاني أكبر احتياطي من الغاز في العالم بعد روسيا، لكن نتيجة العقوبات الأمريكية لم تستطع تطوير صادرات الغاز. كذلك فإن تعزيز علاقاتها الأمنية والاقتصادية مع روسيا يجعلها أكثر قوة في مواجهة الضغوط الغربية، وقد بلغ حجم التبادل التجاري مع روسيا 2.5 بليون دولار سنوياً، من خلال إبرام اتفاقات تتعلق باستيراد التكنولوجيا النووية واستكمال بناء مفاعل بوشهر.كما سبق لروسيا والصين أن قدمتا دعماً قوياً لإيران في المفاوضات النووية.من جانب آخر تدعم طاجيكستان انضمام إيران للمنظمة، لجهودها في إنهاء الحرب الأهلية التي شهدتها طاجيكستان مؤخراً، وكذا العلاقات التاريخية التي تربط بين الشعبين الإيراني والطاجيكي، اللذين تجمع بينهما اللغة الفارسية.. وكذلك الرئيس القيرغيزي "كورمانبيك باكييف" أعلن تأييده للعضوية الإيرانية.


غياب عربي وإسلامي
وهنا نتساءل: لماذا لم يهتم العرب والمسلمون بآسيا الوسطى وجمهورياتها الإسلامية، ويعملوا على بناء قاعدة من المصالح المشتركة معها من شأنها أن تعزز نسيج العلاقات السياسية، في إطار إستراتيجية مستقبلية تقطع الطريق على محاولات الالتفاف حول العرب والمسلمين كشعوب وحضارة وكيان؟!

Monday, August 11, 2008

الارض الاسلامية المنسية

الارض الاسلامية المنسية








تركستان الشرقية

و هذه لمحة عن تركستان الشرقي(منقول من موقع islamweb.net)تقع تركستان الشرقية في وسط آسيا الوسطى، ويحدها من الشمال روسيا، ومن الغرب قازاخستان وقرغيزيا وطاجكستان، ومن الجنوب باكستان والهند، ومن الشرق الصين، ومن الشمال الشرقي منغوليا..تقدر مساحتها بـ1.6مليون كم2، أي أنها تشكل حوالي سدس المساحة الإجمالية للصين بما في ذلك المستعمرات..وأما عدد سكانها فهو يزيد عن 13مليون نسمة يتوزعون على جنسيات عدة لعل منها: 6مليون من الإيجور، ومليون من الكزاك و90.000 الأقليات التركمانية..دخل الإسلام بلاد التركستان الشرقية عام 934م عن طريق الإيجور "ستاتوك بوجرخان" الذي اعتنق الإسلام قبل أن يتولى العرش ويصبح حاكم ولاية أوجور.. وبعد أن أصبح حاكماً اتخذ لنفسه اسماً مسلماً هو "عبدالكريم ستاتوك" وبإسلامه أسلم معظم التركمان من السكان وسكان وسط آسيا، لتصبح تركستان بعد ذلك مركزاً رئيساً من مراكز الإسلام في آسيا..استمرت تلك الحضارة الإسلامية زهاء الألف سنة كان من نتاجها نخبة من مصابيح الهدى ومنارات العلم كالبخاري، والترمذي، والزمخشري، وغيرهم من العلماء..ثم جاء الصينيون بكفرهم ليعكروا صفو هذه الحضارة العظيمة فتسنى لهم ذلك بعَدِّهم وعتادهم مرة، وبمساعدة الغرب الكافر مرات أُخر إلى أن تولى الشيوعيون مقاليد الحكم في الصين عام 1949م ليمارسوا مع إخواننا المسلمين هناك أسوأ ألوان المسخ العقدي المتمثل في إبعادهم الكامل عن دينهم، وقطع صلتهم بحضارتهم الإسلامية..يقول الكاتب "محمد إركن البتكن" في مقالة له بعنوان "اضطهاد المسلمين التركمان في تركستان الشرقية".. لقد ألغى الشيوعيون الكتابة العربية التي كان المسلمون يستخدمونها لمدة ألف سنة ماضية، وأتلفوا 730ألف كتاب باللغة العربية بما في ذلك نسخ من القرآن الكريم، وذلك تحت شعار محاربة "مخلفات الماضي".. وصادروا ممتلكات الوقف لقطع موارد الأنشطة الدينية تحت شعار "الإصلاح الزراعي" وأغلقوا كل المدارس الملحقة بالمساجد وكانت هذه عادة المسلمين في بناء المدارس وإجبارهم على تعلم مبادئ ماركس ولينين رماو، وأغلقوا 29ألف مسجد في جميع أنحاء تركستان الشرقية وتحويلها إلى سكنات عسكرية واسطبلات ومجازر، وقبضوا على 54ألف إمام وتم تعذيبهم وتشغيلهم بالسخرة في تنظيف المجاري والعناية بأمر الخنازير...ولكل ما سبق فقد قام التركمان المسلمون بالدفاع عن عقيدتهم وبلدهم وكان ذلك بين سنتي 1950-1972م. وكانت المحصلة:- إعدام 360ألف شخص مسلم.- هرب أكثر من 100ألف مسلم إلى البلاد المجاورة.وما إن هلك الشيوعي "ماوتسي تونج" حتى خفت حدة الحرب على المسلمين لكنها لم تنطفئ خاصةً مع مطالبة إخواننا هناك بالاستقلال، وهو حق لهم وعدهم بتنفيذه الشيوعيون عندما تولوا مقاليد الحكم، ولكنهم الشيوعيون يتفقون مع إخوانهم اليهود في الغدر والخيانة فكيف يتنازلون عن مبدئهم..إن الشيوعيون الآن يرمون إلى تصيين المسلمين كلياً، وتمثيل ذلك في الشعار الموضوع عندهم حالياً.. فتح تركستان الشرقية وقد اطلقوا هذا الشعار عام 1990م وكان من نتاجه أن أصبحت نسبة المستعمرين الصينيين في تركستان المسلمة 60%، بينما نسبة أهل البلاد 40% فقط لا غير..إن سياسة الانفتاح التي تطبقها الإدارة الصينية في تركستان الشرقية تستهدف فتح الطريق أمام إسكان الصينيين، ونهب ثروات البلاد الطبيعية، وتكثيف عمليات نقل هذه الثروات إلى داخل الصين، وأخيراً القضاء على الشعب التركستاني المسلم بصهره في المجتمع الصيني صهراً كاملاً وطمس معالم الإسلام عنده..نشرت مجلة المجتمع في عددها "1383" خبراً مفاده تغريم مدرس للقرآن الكريم ما يعادل 1000دولار، وتغريم ستة شباب قيمة 150دولار، وتغريم أولياء أمورهم القيمة نفسها - مع ملاحظة الفقر المدفع الذي يعانيه شعب تركستان الشرقية مع أن أرضهم أرض خير وعطاء.. و جريمة هؤلاء هي تعليم القرآن الكريم في مدينة "لوب" بتركستان الشرقية.. ولا شك أن هذه الحادثة هي واحدة من آلاف حوادث المداهمة يومياً على مستوى تركستان الشرقية

إنها مأساة إسلامية غابت عن أذهان كثير من المسلمين.. مأساة قابلة للإنفجار نتاج التسلط الشيوعي المتمثل في الاحتلال الصيني.. تقع تركستان الشرقية في وسط آسيا الوسطى، ويحدها من الشمال روسيا، ومن الغرب قازاخستان وقرغيزيا وطاجكستان، ومن الجنوب باكستان والهند، ومن الشرق الصين، ومن الشمال الشرقي منغوليا.. تقدر مساحتها بـ1.6مليون كم2، أي أنها تشكل حوالي سدس المساحة الإجمالية للصين بما في ذلك المستعمرات..وأما عدد سكانها فهو يزيد عن 13مليون نسمة يتوزعون على جنسيات عدة لعل منها: 6مليون من الإيجور، ومليون من الكزاك و90.000 الأقليات التركمانية.. دخل الإسلام بلاد التركستان الشرقية عام 934م عن طريق الإيجور "ستاتوك بوجرخان" الذي اعتنق الإسلام قبل أن يتولى العرش ويصبح حاكم ولاية أوجور.. وبعد أن أصبح حاكماً اتخذ لنفسه اسماً مسلماً هو "عبدالكريم ستاتوك" وبإسلامه أسلم معظم التركمان من السكان وسكان وسط آسيا، لتصبح تركستان بعد ذلك مركزاً رئيساً من مراكز الإسلام في آسيا..استمرت تلك الحضارة الإسلامية زهاء الألف سنة كان من نتاجها نخبة من مصابيح الهدى ومنارات العلم كالبخاري، والترمذي، والزمخشري، وغيرهم من العلماء.. ثم جاء الصينيون بكفرهم ليعكروا صفو هذه الحضارة العظيمة فتسنى لهم ذلك بعَدِّهم وعتادهم مرة، وبمساعدة الغرب الكافر مرات أُخر إلى أن تولى الشيوعيون مقاليد الحكم في الصين عام 1949م ليمارسوا مع إخواننا المسلمين هناك أسوأ ألوان المسخ العقدي المتمثل في إبعادهم الكامل عن دينهم، وقطع صلتهم بحضارتهم الإسلامية.. يقول الكاتب "محمد إركن البتكن" في مقالة له بعنوان "اضطهاد المسلمين التركمان في تركستان الشرقية".. لقد ألغى الشيوعيون الكتابة العربية التي كان المسلمون يستخدمونها لمدة ألف سنة ماضية، وأتلفوا 730ألف كتاب باللغة العربية بما في ذلك نسخ من القرآن الكريم، وذلك تحت شعار محاربة "مخلفات الماضي".. وصادروا ممتلكات الوقف لقطع موارد الأنشطة الدينية تحت شعار "الإصلاح الزراعي" وأغلقوا كل المدارس الملحقة بالمساجد وكانت هذه عادة المسلمين في بناء المدارس وإجبارهم على تعلم مبادئ ماركس ولينين رماو، وأغلقوا 29ألف مسجد في جميع أنحاء تركستان الشرقية وتحويلها إلى سكنات عسكرية واسطبلات ومجازر، وقبضوا على 54ألف إمام وتم تعذيبهم وتشغيلهم بالسخرة في تنظيف المجاري والعناية بأمر الخنازير... ولكل ما سبق فقد قام التركمان المسلمون بالدفاع عن عقيدتهم وبلدهم وكان ذلك بين سنتي 1950-1972م. وكانت المحصلة:- إعدام 360ألف شخص مسلم.- هرب أكثر من 100ألف مسلم إلى البلاد المجاورة.وما إن هلك الشيوعي "ماوتسي تونج" حتى خفت حدة الحرب على المسلمين لكنها لم تنطفئ خاصةً مع مطالبة إخواننا هناك بالاستقلال، وهو حق لهم وعدهم بتنفيذه الشيوعيون عندما تولوا مقاليد الحكم، ولكنهم الشيوعيون يتفقون مع إخوانهم اليهود في الغدر والخيانة فكيف يتنازلون عن مبدئهم.. إن الشيوعيون الآن يرمون إلى تصيين المسلمين كلياً، وتمثيل ذلك في الشعار الموضوع عندهم حالياً.. فتح تركستان الشرقية وقد اطلقوا هذا الشعار عام 1990م وكان من نتاجه أن أصبحت نسبة المستعمرين الصينيين في تركستان المسلمة 60%، بينما نسبة أهل البلاد 40% فقط لا غير.. إن سياسة الانفتاح التي تطبقها الإدارة الصينية في تركستان الشرقية تستهدف فتح الطريق أمام إسكان الصينيين، ونهب ثروات البلاد الطبيعية، وتكثيف عمليات نقل هذه الثروات إلى داخل الصين، وأخيراً القضاء على الشعب التركستاني المسلم بصهره في المجتمع الصيني صهراً كاملاً وطمس معالم الإسلام عنده.. نشرت مجلة المجتمع في عددها "1383" خبراً مفاده تغريم مدرس للقرآن الكريم ما يعادل 1000دولار، وتغريم ستة شباب قيمة 150دولار، وتغريم أولياء أمورهم القيمة نفسها - مع ملاحظة الفقر المدفع الذي يعانيه شعب تركستان الشرقية مع أن أرضهم أرض خير وعطاء.. و جريمة هؤلاء هي تعليم القرآن الكريم في مدينة "لوب" بتركستان الشرقية.. ولا شك أن هذه الحادثة هي واحدة من آلاف حوادث المداهمة يومياً على مستوى تركستان الشرقية. إخواني المسلمين مع كل ما سبق من جهود مضنية في سبيل القضاء على الإسلام هناك فإن حرص المسلمين هناك على إسلامهم يزداد يوماً بعد يوم، وما يبذله رجال العلم هناك في سبيل تعليم الشعب أحكام دينه وقواعده وأخلاقه يلحظه كل متابع لأخبارهم.. فلنمد لهم يد العون والمساعدة، ولنرفع أكف الضراعة إلى المولى القدير بأن يزيل كربتهم، ويعيد لهم حقهم في الاستقلال الكامل، وأن يقهر عدوهم الشيوعي الذي عاث في الأرض علواً وفساداً..فإنه نعم المولى ونعم النصير


تركستان الشرقية.. صفحات مجهولة من تاريخ أسود

(في ذكرى استيلاء الصين عليها: 6 جمادى الآخرة 1356هـ



"تركستان": مصطلح تاريخي يتكون من مقطعين، "ترك" و"ستان"، ويعني أرض الترك، وتنقسم إلى "تركستان الغربية" أو آسيا الوسطى التي تشغل الثلث الشمالي من قارة آسيا، ويحدها من الشرق جبال "تيان شان"، ومن الغرب "جبال الأورال" و"بحر قزوين"، ومن الشمال سلاسل جبلية قليلة الارتفاع، ومن الجنوب هضبة. أما تركستان الشرقية الخاضعة الآن للصين، وتعرف باسم مقاطعة "سكيانج"، فيحدها من الشمال الغربي ثلاث جمهوريات إسلامية هي: كازاخستان، وقيرغيزستان، وطاجيستان، ومن الجنوب: أفغانستان، وباكستان، ومن الشرق أقاليم التبت الصينية. وتبلغ مساحة تركستان الشرقية حوالي (1.8) مليون كم2، أي خُمس مساحة الصين، وهي تعد أكبر أقاليم الصين، ويزيد عدد سكانها على (25) مليون نسمة، ويتكون سكانها المسلمون من أجناس مختلفة: كالأجور وهم يشكلون غالبية الإقليم، والتركمان، والقازاق، والأوزبك، والتتار، والطاجيك، ونسبة المسلمين بها حوالي 95%. وقد أطلق الصينيون على تركستان الشرقية اسم "سكيانج"، وتعني الوطن الجديد، أو المستعمرة الجديدة، وكانت تتمتع قديمًا بأهمية كبيرة في التجارة العالمية؛ فكان طريق الحرير المشهور يمر بها ويربط الصين ببلاد العالم القديم والدولة البيزنطية. أما حديثًا فهي غنية بموقعها الجغرافي وثرواتها الطبيعية، فتمتلك احتياطيا ضخما من البترول ينافس احتياطي دول الشرق الأوسط، وتمتلك من الفحم ما يعادل (600) مليون طن، وبها أجود أنوع اليورانيوم في العالم، ويستخرج من ستة مناجم بها؛ لذا فهي عصب اقتصاد الصين وعصب صناعاتها الثقيلة والعسكرية، فالصواريخ الصينية النووية، والصواريخ البالستية عابرة القارات تنتج في تركستان الشرقية. الإسلام في تركستان كانت بداية وصول الإسلام إلى تركستان- بصفة عامة- في خلافة "عثمان بن عفان" (رضي الله عنه) على يد الصحابي الجليل "الحكم بن عمرو الغفاري"، بيد أن مرحلة الفتح الحقيقية كانت في عهد الخليفة الأموي "عبد الملك بن مروان" على يد قائده الباسل "قتيبة بن مسلم الباهلي" الذي تمكّن في الفترة من (83- 94هـ = 702- 712م) من السيطرة على ربوع التركستان ونشر الإسلام بين أهلها، ثم دانت لحكم العباسيين بعد سقوط الخلافة الأموية. وفي فترات ضعف الخلافة العباسية قامت في المنطقة مجموعة من الدول المستقلة، ثم حكمها المغول بعد قضاء "جنكيز خان" على الدولة الخوارزمية سنة (628هـ = 1231م). وقد عرفت تركستان الشرقية الإسلام عن طريق التجار المسلمين الذين كانوا يحملون بضائعهم ومعها الإسلام إلى أي مكان يسافرون إليه، فقد كان طريق تجارتهم ودعوتهم طريقا واحدًا، فتوثقت العلاقات التجارية بين العرب والصين، وحصل بعض التجار المسلمين على ألقاب صينية رفيعة. وتشجيعًا للتجارة التي كانت مقصورة على المسلمين في عهد أسرة "سونج" في القرن العاشر الميلادي- سنّت هذه الدولة قانونًا يقضي بعقاب كل من يسيء إلى التجار الأجانب؛ لذا وجدت جاليات إسلامية كبيرة في عدد من المدن، بالإضافة إلى وحدود بذور إسلامية في الصين عندما تعرض الإمبراطور الصيني "سو" لثورة وتمرد، فاستغاث بالخليفة العباسي "أبو جعفر المنصور" سنة (139هـ = 756م) فأرسل إليه أربعة آلاف جندي مسلم، وقد نجح الإمبراطور بمساعدتهم في القضاء على التمرد واستعادة عرشه، الأمر الذي أدى إلى استبقاء الإمبراطور لهؤلاء الجنود؛ فتزوجوا من صينيات، وأسهموا في غرس بذور الإسلام في البلد البعيد، وتشير بعض السجلات الصينية إلى أن الحكومة الصينية كانت تدفع بعض الأموال السنوية لأسر هؤلاء الجنود. وتوطد الإسلام في تركستان الشرقية، سنة (322هـ = 934م)، بعدما اعتنق الخان "ستاتول بوجرا"، الذي أصبح حاكمًا للإقليم الإسلام، وأسلم لإسلامه معظم السكان، وبمرور الوقت أصبح شرق تركستان مركزًا رئيسيًا من مراكز الإسلام في آسيا.


الصين وتركستان الشرقية


جاءت أسرة المانشو إلى الحكم في الصين سنة (1054هـ = 1644م)، وكانت الأوضاع المستقرة للمسلمين في الصين قد أفرزت علماء متخصصين في علوم القرآن والحديث والفقه والتوحيد، بالإضافة إلى قيادات فكرية رفيعة المستوى، مثل: الشيخ "وانج داي يو"، و"مافوتشو" الفقيه المرموق، وبدأ عهد أسرة مانشو بداية لا تبشر بخير؛ إذ بدأت حملة من الاضطهاد والعذاب للمسلمين في الصين، اضطر المسلمون خلالها إلى رفع السلاح- لأول مرة في تاريخ الصين- سنة (1058هـ = 1648م) مطالبين بالحرية الدينية، وهو ما كلفهم الكثير من الدماء والأرواح، وقتل مئات الآلاف من المسلمين، وقُمعت ثورات المسلمين بقسوة شديدة وصلت إلى حد المذابح والإبادة الجماعية، وكانت هذه الفظائع تجري خلف أسوار الصين، دون أن يدري بها أحد في العالم الإسلامي. وقد استولى الصينيون على تركستان الشرقية سنة (1174 هـ = 1760م) بعد أن ضعف أمر المسلمين بها، وقتلت القوات الصينية وقتها مليون مسلم، وألغى الصينيون نظام البكوات الذي كان قائمًا بها، ووحدوا أقسام تركستان في ولاية واحدة، كما اتبعت الصين سياسة استيطانية في تركستان الشرقية؛ حيث عملت على نقل كتل بشرية صينية إلى هذه المنطقة، وهذا ما يسمى بسياسة "تصيين تركستان الشرقية"؛ فقام المسلمون بثورات عنيفة، منها: ثورة "جنقخ" سنة (1241هـ = 1825م)، واستمرت سنتين، ولم تهدأ ثورات المسلمين طوال مائة عام، منها: ثورة سنة (1272هـ = 1855م) التي استمرت عشرين عامًا، بقيادة "يعقوب بك"، وسجلت أحداثها في كتاب من (330) جزءا، وقد تمكن المسلمون بعدها من الاستقلال بتركستان الشرقية سنة (1282هـ = 1865م)، وذلك أثناء الصراع مع أسرة مانشو، ولم تجد هذه الدولة الوطنية تأييدًا ولا اعترافًا من العالم، واستطاعت الصين مهاجمتها واحتلالها مرة أخرى سنة (1292هـ = 1875م). وتعرضت تركستان الشرقية لأربع غزوات صينية منذ عام (1277هـ = 1860م)؛ مرتين في عهد أسرة المانشو، ومرة في عهد الصين الوطنية، ومرة في عهد الصين الشيوعية. وقد أدت هذه الثروات والمذابح الصينية إلى إبادة كثير من المسلمين وحدوث عدة هجرات من هذا الإقليم إلى المناطق المجاورة. وقد قامت ثورة عارمة في تركستان الشرقية ضد الصين سنة (1350هـ = 1931م)، كان سببها تقسيم الحاكم الصيني المنطقة التي يحكمها "شاكر بك" إلى وحدات إدارية، فبدأ التذمر، ثم وقع اعتداء على امرأة مسلمة من قبل رئيس الشرطة، فامتلأ الناس غيظًا وحقدًا على الصينيين، وتظاهروا بإقامة حفل على شرف رئيس الشرطة وقتلوه أثناء الحفل مع حراسه البالغ عددهم اثنين وثلاثين جنديًا. لقد كانت ثورة عنيفة، اعتصم خلالها بعض المسلمين في المرتفعات، ولم تستطع القوات الصينية إخمادها، فاستعانوا بقوات من روسيا لم تُجْدِ نفعًا مع بركان الغضب المسلم، فانتصر المسلمون عليهم، واستولوا على مدينة "شانشان"، وسيطروا على "طرفان"، واقتربوا من "أورومجي" قاعدة تركستان الشرقية. وأرادت الحكومة الصينية تهدئة الأوضاع فعزلت الحاكم العام؛ غير أن المسلمين كانوا قد تمكنوا من الاستيلاء على "أورومجي"، وطرودا الحاكم العام قبل أن تعزله الدولة، وتسلم قادة المسلمين السلطة في الولاية، ووزعوا المناصب والمراكز على أنفسهم، فما كان من الحكومة الصينية إلا أن رضخت للأمر الواقع، واعترفت بما حدث، وأقرّت لقادة الحركة بالمراكز التي تسلموها. وقد امتدت الثورة إلى منطقة تركستان الشرقية كلها، وقام عدد من الزعماء بالاستيلاء على مدنهم، ثم اتجهوا إلى "كاشغر" واستولوا عليها، وكان فيها "ثابت داملا" أي الملا الكبير، فوجدها فرصة وأعلن قيام حكومة "كاشغر الإسلامية"، أما "خوجانياز" أو "عبد النياز بك"، فقد جاء إلى الثائرين في كاشغر ليفاوضهم وينهي ثورتهم، إلا أنه اقتنع بعدالتها، فانضم إليهم وأعلن قيام حكومة جديدة باسم "الجمهورية الإسلامية في تركستان الشرقية"- وكان ذلك في (21 رجب 1352هـ = 12 نوفمبر 1933م)- على المبادئ الإسلامية، وقد اختير "خوجانياز" رئيسًا للدولة، و"ثابت داملا" رئيسًا لمجلس الوزراء. ولم تلبث هذه الحكومة طويلاً، ويذكر "يلماز أوزتونا" في كتابه "الدولة العثمانية" أن الجيش الصيني الروسي استطاع أن يهزم "عبد النياز بك" مع جيشه البالغ (80) ألف جندي، بعدما استشهد "عبد النياز" في (6 جمادى الآخرة 1356هـ = 15 أغسطس 1937م)، وبذلك أسقط التحالف الصيني الروسي هذه الجمهورية المسلمة، وقام بإعدام أعضاء جميع أعضاء الحكومة مع عشرة آلاف مسلم. وحصل الروس مقابل مساعدتهم للصين على حق التنقيب عن الثروات المعدنية، واستخدام عدد من الروس في الخدمات الإدارية في تركستان الشرقية. وقد قامت ثورة أخرى بقيادة عالم الدين "علي خان" في عام (1364 هـ = 1994م)، وأعلن استقلال البلاد، غير أن روسيا والصين تعاونتا على إحباط هذا الاستقلال، وقام الروس وعملاؤهم باختطاف قائد هذه الثورة الإسلامية، وتم إرغام الوطنيين على قبول صلح مع الصين مقابل الاعتراف بحقوقهم في إقامة حكومة من الوطنيين وإطلاق يد زعمائهم في شؤونهم الداخلية. وقد حصلت تركستان الشرقية على الاستقلال الذاتي سنة (1366 هـ = 1946م)، وتم تعيين "مسعود صبري" رئيسًا للحكومة، فاتبعت الحكومة الوطنية الجديدة سياسة حازمة لإضفاء الصفة الوطنية على كل المؤسسات، وقد استطاع المسلمون في تركستان الشرقية أن ينظموا أنفسهم أثناء الحرب العالمية الثانية، فأنشئوا مطبعة وعددا من المدارس، وأصدروا مجلة شهرية باللغة التركية، وبعد انتهاء هذه الحرب اجتاحت القوات الصينية الشيوعية هذه المنطقة سنة (1368 هـ = 1949م)، بعد قتال عنيف متواصل مع المسلمين، استمر في بعض المعارك عشرين يوما متواصلة. وكان عدد المسلمين بتركستان الشرقية عندما سيطر الشيوعيون عليها حوالي 2.3 مليون مسلم، وعدد المساجد يزيد على الألفي مسجد، وقد بدأ الشيوعيون منذ احتلالهم بارتكاب مذابح رهيبة، أعقبها استقدام مهاجرين صينيين بأعداد ضخمة في عملية احتلال استيطاني واسعة؛ وذلك للتقليل من عدد أهل البلاد المسلمين، وألغى الصينيون الملكية الفردية، واسترقوا الشعب المسلم، وأعلنوا رسميًا أن الإسلام خارج على القانون، ويعاقب كل من يعمل به، ومنعوا خروج التركستانيين الشرقيين خارج البلاد، كما منعوا دخول أي أجنبي إليهم، وألغوا المؤسسات الدينية وهدموا أبنيتها، واتخذوا المساجد أندية لجنودهم، وغيروا الأبجدية الوطنية بحروف أجنبية، وجعلوا اللغة الصينية اللغة الرسمية، واستبدلوا بالتاريخ الإسلامي تعاليم "ماوتسي تونج"، وأرغموا المسلمات على الزواج من الصينيين، ولم يتوقف هذا الحقد الأسود الدفين تجاه المسلمين الذين تعرضوا لجهود دولة كبرى لاسترقاقهم وطمس الإيمان في قلوبهم، ولما قامت الثورة الثقافية في الصين زاد الأمر سوءا، وزادت حدة اضطهاد المسلمين، وكان ضمن شعارات الثورة: "ألغوا تعاليم القرآن". ورغم هذا الكبت والاضطهاد فقد استمرت ثورات المسلمين العنيفة التي تعمل الصين على إخفاء أبنائها عن العالم، ومنها ثورة (1386 هـ = 1966م) في مدينة "كاشغر"، التي حاول فيها المسلمون أداء صلاة عيد الأضحى داخل أحد المساجد، فاعترضتهم القوات الصينية وارتكبت في حقهم مذبحة بشعة، وانتشرت الثورة في الإقليم، وقام المسلمون بحرب عصابات ضد الصينيين، واستشهد في هذه الثورة- خلال أحد شهورها- حوالي 75 ألف شهيد، ولا تكف الأخبار عن تناقل أنباء انتفاضات للمسلمين في تركستان الشرقية ضد الاحتلال الصيني الدموي اللاإنساني.